سورة الحج - تفسير نيل المرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


الآية الأولى:
{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}.
{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ}: أي الإعادة بعد الموت فانظروا في مبدإ خلقكم.
{فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ}: في ضمن خلق أبيكم آدم عليه السلام.
{مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}: أي من مني، سمي نطفة لقلته. والنطفة: القليل من الماء قد يقع على الكثير منه، والنطفة: القطرة.
{ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ}: هي الدّم الجامد.
والعلق الدم العبيط، أي الطري المتجمد.
وقيل: الشديد الحمرة. والمراد الدم المتكون من المني.
{ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ}: هي القطعة من اللحم قدر ما يمضغ الماضغ، تتكون من العلقة.
{مُخَلَّقَةٍ} بالجر صفة لمضغة، أي مستبينة الخلق ظاهرة التصوير.
{وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}: أي لم يتبين خلقها ولا ظهر تصويرها.
قال ابن الأعرابي: مخلقة يريد قد بدا خلقها وغير مخلقة لم تصور.
قال الأكثر: ما أكمل خلقه بنفخ الروح فهو المخلقة وهو الذي ولد لتمام، وما سقط كان غير مخلقة، أي غير حي بإكمال خلقته بالروح.
قال الفراء: مخلقة تامة الخلق، وغير مخلقة السقط. ومنه قول الشاعر:
أفي غير المخلقة البكاء *** فأين الحزم ويحك والحياء؟
والمعنى إنا خلقناكم على هذا النمط البديع.
{لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} كمال قدرتنا على ما أردنا كإحياء الأموات وبعثهم، فآمنوا بذلك وتيقنوا، والآية من شواهد البعث بعد الموت.


الآية الثانية:
{هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}.
{هذانِ خَصْمانِ}: أحدهما: أنجس الفرق اليهود والنصارى والصابئون والمجوس والذين أشركوا.
والخصم الآخر: المسلمون، فهما فريقان مختصمان. قاله الفراء وغيره.
وقيل: المراد بالخصمين الجنة والنار: قالت الجنة: خلقني لرحمة، وقالت النار: خلقني لعقوبة.
وقيل: المراد بالخصمين هم الذين برزوا يوم بدر: فمن المؤمنين حمزة وعلي وعبيدة، ومن الكافرين عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. وقد كان أبو ذر يقسم أن هذه الآية نزلت في هؤلاء المتبارزين وقال بمثل هذا جماعة من الصحابة وهم أعرف من غيرهم بأسباب النزول.
وقد ثبت في الصحيح أيضا عن عليّ عليه السلام أنه قال: فينا نزلت هذه الآية.
وقال سبحانه: {اخْتَصَمُوا} ولم يقل اختصما؟
قال الفراء: لأنهم جمع ولو قال اختصما لجاز.
ومعنى {فِي رَبِّهِمْ}: أي في شأن ربهم، أي في دينه، أو في ذاته، أو في صفاته، أو في شريعته لعباده أو في جميع ذلك.


الآية الثالثة:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (25)}.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ}: المراد بالصد هنا الاستمرار، لا مجرد الاستقبال فصح بذلك عطفه على الماضي. ويجوز أن تكون الواو في: {وَيَصُدُّونَ}، واو الحال أي كفروا والحال أنهم يصدون.
والمراد بالصد المنع.
{عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي دينه.
فالمعنى يمنعون من أراد الدخول في دين اللّه.
{وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ}: معطوف على سبيل اللّه.
قيل: المراد به المسجد نفسه كما هو الظاهر من هذا النظم القرآني.
وقيل: الحرم كله لأن المشركين صدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأصحابه عنه يوم الحديبية.
وقيل: المراد به مكة، بدليل قوله: {الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً}: أي جعلناه للناس على العموم يصلون فيه ويطوفون به، مستويا فيه.
{الْعاكِفُ}: هو المقيم فيه الملازم له.
{وَالْبادِ} أي الواصل من البادية، والمراد به الطارئ عليه من غير فرق بين كونه من أهل البادية، أو من غيرهم.
قال القرطبي: وأجمع الناس على الاستواء في المسجد الحرام نفسه، واختلفوا في مكة.
فذهب مجاهد ومالك إلى أن دور مكة ومنازلها يستوي فيها المقيم والطارئ.
وذهب عمر بن الخطاب وابن عباس وجماعة إلى أن للقادم أن ينزل حيث وجد وعلى رب المنزل أن يؤويه شاء أم أبى.
وذهب الجمهور إلى أن دور مكة ومنازلها ليست كالمسجد الحرام ولأهلها منع الطارئ من النزول فيها.
والحاصل أن الكلام في هذا راجع إلى أصلين:
الأول: ما في هذه الآية هل المراد بالمسجد نفسه؟ أو جميع الحرم؟ أو مكة على الخصوص.
والثاني: هل كان فتح مكة صلحا؟ أو عنوة؟ وعلى فرض أن فتحها كان عنوة، فهل أقرها النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في أيدي أهلها على الخصوص؟ أو جعلها لمن نزل بها على العموم؟
وقد أوضح الشوكاني رحمه اللّه هذا في شرحه نيل الأوطار على منتقى الأخبار بما لا يحتاج الناظر فيه إلى زيادة.

1 | 2